الدولار أمام رهان صعب جدا قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكي
تترقب أسواق العملات باهتمام شديد مؤشر التضخم الأمريكي خلال أكتوبر الماضي، والذي قد يؤثر بقوة كبيرة على تحركات الدولار وبخاصة مع تأكيد الفيدرالي الأمريكي على استمرار تسريع وتيرة التشديد النقدي إذا استمر ارتفاع التضخم، وفيما يلي نظرة على البيانات المرتقبة وكيف تؤثر على تداولات الدولار:
أولا: نظرة على بيانات التضخم الأمريكي خلال سبتمبر الماضي:
كشفت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة عن استمرار ارتفاع التضخم الأمريكي خلال سبتمبر الماضي، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي على أساس شهري بنسبة 0.4%، بينما كان من المتوقع أن ينمو بنسبة 0.2% فقط. وفي الوقت ذاته، أوضحت البيانات ارتفاع التضخم الأمريكي الأساسي على أساس شهري بنسبة 0.6%، بأعلى من توقعات الأسواق بأن ينمو بنسبة 0.4%.
وعلى أساس سنوي، أظهرت البيانات نمو التضخم الأمريكي بنسبة 8.2% بنهاية سبتمبر الماضي، بأعلى من توقعات الأسواق بأن ينمو بنسبة 8.1% فقط. وكان القراءة السابقة للمؤشر قد سجلت نموا بنسبة 8.3% خلال أغسطس الماضي.
ثانيا: تصريحات صانعي القرار حول التضخم الأمريكي:
خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من التصريحات من قبل صانعي القرار حول معدل التضخم الأمريكي ، وفي هذا الإطار، صرحت عضو الاحتياطي الفيدرالي استر جورج، في منتصف أكتوبر الماضي بأن الحقيقة المطلقة الواضحة هي أن التضخم الأمريكي مرتفع للغاية، وأنه لا يوجد لدى الفيدرالي الأمريكي سرد واضح لتوقعات التضخم، وأنها تؤيد الارتفاع المستمر في وتيرة الفائدة، وكذلك يجب أن تكون وتيرة رفع الفائدة متوازنة للغاية مع الاقتصاد والأوضاع المالية.
وكذلك، أدلى عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي بولاية نيويورك جون ويليامز هذا الشهر ببعض التصريحات المتعلقة بتوقعات التضخم في الأجل الطويل، حيث أشار إلى أن التوقعات تؤيد بشدة وصول التضخم الأمريكي إلى مستوى مستقر على المدى الطويل؛ ومن ثم فإن الفيدرالي سيواصل العمل لإعادة مستوى التضخم المرتفع إلى 2%، وذلك عن طريق رفع سعر الفائدة، مضيفا بأن توقعات التضخم الأمريكي على المدى الطويل في الولايات المتحدة ستظل مستقرة بشكل ملحوظ عند معدلات تتفق إلى حد كبير وهدف الفيدرالي للسيطرة على التضخم.
وفي هذا السياق أيضا، أدلى صانع السياسة وعضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بولاية مينيابوليس نيل كاشكاري بعدة تعليقات بشأن التضخم وتوقعات البنك لتحركات أسعار المستهلك الأمريكي، أشار فيها إلى أن التضخم الأمريكي لا تحركه الأجور، وأن نمو الأجور يؤدي إلى محاولة مواكبة التضخم وليس دفعه لأعلى. كما أن نماذج الفيدرالي التقليدية في تحليل الاقتصاد لم تعد تعمل بشكل فعال بالظروف الحالية.
ثالثا: توقعات الأسواق حيال معدل التضخم الأمريكي:
تشير توقعات الأسواق إلى أن تسريع وتيرة رفع الفائدة خلال الفترة الماضية قد يساهم في انخفاض التضخم الأمريكي بالشهر الماضي، فوفقا للتوقعات، فمن المحتمل أن يسجل التضخم الأمريكي الشهري نموا بنسبة 0.6%. كما أنه من المتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي بنسبة 0.5% فقط، وكذلك، تشير التوقعات إلى نمو التضخم الأمريكي على أساس سنوي قد يتباطأ لمستوى 7.9% بنهاية أكتوبر الماضي.
رابعا: سيناريوهات مؤشر التضخم الأمريكي وتأثيرها المحتمل على الدولار:
استقر مؤشر الدولار الأمريكي قرب مستوى 110 نقطة تقريبا في ظل تعزز مخاوف الأسواق حيال استمرار الفيدرالي الأمريكي نحو تشديد السياسة النقدية ورفع الفائدة وبخاصة مع التوقعات التي تتحدت عن احتمالية تباطؤ التضخم الأمريكي دون مستوى الـ 8% بنهاية أكتوبر، وبالتالي فإن الدولار ينتظر صدور التضخم الأمريكي حتى تقدم له مزيدا من الدعم ويرتفع مجددا نحو مستوياته القياسية.
والسيناريو الأول يتمثل في إيجابية بيانات التضخم وتأتي بأفضل من توقعات الأسواق، حيث يرتفع التضخم بأكثر من 0.6%. كما يرتفع التضخم الأمريكي السنوي بأعلى من 7.9%، وهذا السيناريو الإيجابي سيقدم الدعم اللازم لمؤشر الدولار وقد يتجه لتحقيق ارتفاعات قوية نحو مستوى 111 نقطة وربما 112 نقطة، لأن هذا السيناريو سيجعل الفيدرالي الأمريكي أكثر حرصا على رفع الفائدة بشكل أكبر خلال ديسمبر المقبل للسيطرة على ارتفاعات التضخم الأمريكي.
بينما السيناريو الثاني يتمثل في سلبية بيانات التضخم الأمريكي وأن ينمو التضخم بأقل من المتوقع ويتباطأ دون مستوى 7.9% بنهاية أكتوبر، وعلى هذا النحو، فقد يتراجع الدولار نحو مستوى 108 نقطة وربما أقل من ذلك، لأن هذا السيناريو سيجعل الفيدرالي أكثر حذرا فيما يتعلق بتشديد السياسة النقدية ورفع الفائدة خلال اجتماع ديسمبر المقبل، لأن تباطؤ التضخم سيجعل الفيدرالي أقل حرصا على رفع الفائدة.